الجمعة، ديسمبر 19، 2014

عشرة كتب في تاريخ الأندلس



مع حلول الذكرى الـ 523 لسقوط الأندلس، يتكرر السؤال عن الكتب التي ينبغي أن نقرأها لنعرف تاريخ الأندلس، ولماذا تظل هذه القطعة بالذات تمثل هذا الحضور الطاغي في الوجدان الإسلامي حتى الآن، برغم أنها ليست الأرض الوحيدة التي فقدها المسلمون بعد أن حكموها، ولماذا تظل هذه القطعة بالذات نقطة كبرى في الحضارة الإنسانية ومفصلا في تاريخ العلاقة بين الإسلام والغرب.

في هذه السطور نضع أقدامك على أول الطريق إلى التاريخ الأندلسي، ونرشدك إلى أهم الكتب التي تساعدك على فهم تاريخ الأندلس.. وللتسهيل، فقد قسمتها إلى مستويات، ووضعت في كل مستوى كتابا واحدا أو كتابين فحسب أو ثلاثة بحد أقصى. مع بشرى في آخر المقال!

المستوى الأول: أخصر المختصرات

ويكفي في هذا المستوى أن تتابع ما كُتِب عن تاريخ الأندلس في كتب التاريخ الإسلامي المختصرة، مثل:

1.    "الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي"، وهي صادرة في مجلدين عن مؤسسة اقرأ، كتبهما مجموعة من طلبة العلم من شرق آسيا، وقدم لها د. راغب السرجاني، وفيها عرض لتاريخ الأندلس بصورة مبسطة ولطيفة وسريعة، ومكتوبة بروح إسلامية جميلة.

2.    "التاريخ الإسلامي الوجيز"، مجلد واحد للدكتور سهيل طقوش، وفيه شمل التاريخ الأندلسي ستين صفحة فقط، والدكتور طقوش مؤرخ معروف ولكن تغلب عليه النزعة القومية العروبية، ويظهر ذلك في آرائه التاريخية.

3.    "معالم تاريخ الأندلس والمغرب"، للدكتور حسين مؤنس، والدكتور حسين من أساطين تاريخ الأندلس، ورجاله العمالقة الكبار، ومؤلفاته الأندلسية هي من أفضل ما كُتِب في موضوعها، وإن كان في أحكامه على بعض الأبطال حدة شديدة (كالمنصور بن أبي عامر) وفي أحكامه على بعض الخونة اعتذارات غريبة (كأبي زيد عبد الرحمن الموحدي)، إلا أن هذا لا يؤثر في مكانته الرفيعة، وقد كتب د. مؤنس هذا الكتاب ليكون مقدمة وتمهيدا مختصرا لتاريخ المغرب والأندلس، وصدر من الكتاب طبعة في مكتبة الأسرة قبل عشر سنوات تقريبا.

المستوى الثاني: الكتاب الواحد

وهي الكتب التي استعرضت تاريخ الأندلس كله في مجلد واحد، وأبسط هذه الكتب:

4.    "التاريخ الأندلسي"، للدكتور عبد الرحمن الحجي، وهو عراقي يقيم الآن في مدريد، ومتخصص في تاريخ الأندلس، ويعتبر كتابه هذا أفضل كتاب مختصر عن تاريخ الأندلس فيما أعلم، وإن كان لم يتعرض لفترة الدولة العامرية إلا في سطور.

5.    "قصة الأندلس"، للدكتور راغب السرجاني، والكتاب غير السلسلة الصوتية، ففي السلسلة الصوتية أخطاء تلافاها الكتاب، لأن كتب د. راغب يكتبها باحثون تحت إشرافه، فيكون التدقيق فيها أفضل، والكتاب رغم أنه صادر في مجلدين إلا أنه يمكن اعتبارهما مجلد واحد، وإنما جرى توسيع الطباعة لأغراض تسويقية.

6.    "تاريخ الأندلس المصور"، للدكتور طارق السويدان، وميزة هذا الكتاب ليست في مادته العلمية بل في كثرة الصور والخرائط والرسوم التي تضفي جوا ممتعا على قارئ تاريخ الأندلس وتزيد من حسن تصوره للجغرافيا والممالك والحضارة والآثار الأندلسية.

المستوى الثالث: المجلدات المتعددة

وهي الكتب التي توسعت في تاريخ الأندلس حتى لم يكفها مجلد واحد، وأهمها:

7.    "دولة الإسلام في الأندلس"، للأستاذ محمد عبد الله عنان، وهو في ثمانية مجلدات، لكن الأسلوب الأدبي اللذيذ للمؤلف يجعله يمر كالمجلد الواحد أو المجلدين، وهذا الكتاب برغم مضي زمن طويل على تأليفه إلا أنه لم يؤلف مثله حتى الآن فيما أعلم، وقد بذل فيه المؤلف جهدا كبيرا في تتبع المخطوطات ومعاينة المواقع التاريخية حتى خرج بهذا التاريخ الفريد. ومن ألذ أجزاء الكتاب متعة المجلد الأخير الذي يتحدث عن الآثار الأندلسية الباقية، وإن كان من أصعب الأجزاء على النفس في ذات اللحظة.

المستوى الرابع: كتب المستشرقين

وللمستشرقين في تاريخ الأندلس مجهود ضخم وإنتاج رصين، ولا ينقص من قدره أن فيه العيوب المعتادة للإنتاج الاستشراقي من الخطأ في الفهم والتفسير أو محاكمة التاريخ الإسلامي بمناهج مادية وضعية، نختار لك منه:

8.    "تاريخ الفكر الأندلسي" للمستشرق الإسباني آنخل جنثالث بالنسيا، وهو عرض شامل لعلوم الأندلسيين وآدابهم في مجلد كبير، وهو عمل جليل ومجهود عجيب لم يكتب مثله بالعربية، وزاده جمالا الترجمة المتقنة للدكتور حسين مؤنس، وهو وثيقة تاريخية عظمى عن العطاء الأندلسي في الحضارة الإنسانية.

9.    "الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس"، لمجموعة من الباحثين أغلبهم إسبان، وترجم تحت إشراف د. سلمى الخضراء الجيوسي، وصدر في مجلدين كبيرين عن مركز الوحدة للدراسات العربية، ولم يكن فيه من العرب إلا د. محمود مكي الذي كتب مختصر تاريخ الأندلس في أول المجلد الأول، ثم جاءت دراسات شاملة لكافة الجوانب التاريخية الأندلسية: الاقتصادية والاجتماعية والأدبية والفنية والترفيهية، كل منها يعد مثالا لقوة البحث العلمي.

10.           "تاريخ المسلمين في إسبانيا"، للمستشرق الهولندي رينهارت دوزي الذي يعد سيد المستشرقين في تاريخ الأندلس، وهذا الكتاب في أربعة مجلدات، منذ الفتح الإسلامي وحتى دخول المرابطين، وترجمه د. حسن حبشي، نُشِر المجلد الأولى بعنوان "تاريخ مسلمي إسبانيا – الحروب الأهلية"، ثم نشر الثلاثة الباقون بعنوان "المسلمون في الأندلس"، ومما يعيبه المسلمون على دوزي حبه الشديد واهتمامه البالغ للمعتمد بن عباد وهو الحب الذي حدا به للقدح في المرابطين والتشغيب عليهم، برغم أن الأول في جملة الخونة والآخرين من سادات المجاهدين.

أما البشرى التي وعدنا بها، فهي أن كل هذه الكتب متاحة للتحميل مجانا على الانترنت، (ما عدا المجلد الأول من الكتاب التاسع فيما نعلم)، ولا بد للقارئ المعاصر أن يعود نفسه قراءة الكتب المصورة على الأجهزة الحديثة، وإلا فاته العلم الغزير والخير الكثير.
 
في المقال القادم إن شاء الله وقدَّر نوافيك بعشرة كتب أخرى، ولكن هذه المرة من كتب التراث الأندلسي، لمن أحب أن يشم عبق الأندلس من مصدره ويقرأ أيامها بلسانها وألفاظها ويمتع نظره بمجالسها بأقلام من حضروها وسجلوها.

نشر في ساسة بوست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق