الخميس، نوفمبر 29، 2012

موجز تاريخ الثورة والإسلاميين وأعداءهما


1. عاشت مصر دولة استبدادية عسكرية مركزية جمعت أنواع الفساد.

2. صنع النظام معارضته على عينه، فكانت المعارضة فاسدة ذات فساد النظام.

3. في لحظة الثورة اجتمعت أطياف الشعب مع الثورة ولم يقف ضدها إلا النظام ومعارضته والمستفيدون منه والخائفون على أنفسهم.

4. في فئة "الخائفون على أنفسهم" كثير من السلفيين.

5. باعتبار أن مبارك منهار أصلا فقد اتخذ قرار التخلص منه في أمريكا ونفذه داخليا الجيش للحفاظ على النظام نفسه.

6. هذا الانهيار السريع لم يسمح بوقت للمفاصلة الحقيقية بين الثوار والمزايدين.. بين الصامدين إلى آخر الطريق والقابلين بالحلول الوسطى.

7. استفاق الجميع على حقيقة أن الإسلاميين هم البديل في حالة الحرية والديمقراطية الحقيقية.. ورغم أن الإخوان -الجماعة التي تعيش آخر أيامها ولا تحب أي احتكاك- بذلت ما استطاعت للطمأنة والانسحاب من المشهد إلا أن السعار العلماني لم يرض إلا بالحذف الكامل للإخوان.

 8. باشتداد الصراع انقسم المشهد إلى ثلاث فئات: فلول وعسكر - علمانيين - إسلاميين.. وكان طبيعيا أن يؤول إلى فئتين: إسلاميين ضد تحالف الفلول والعلمانيين والعسكر.

9. وفي الوسط بين كل هؤلاء شباب ثائرون مفتقدون لقراءة المشهد وطبيعته وهم على استعداد لبذل دمائهم دائما في سبيل وطن أفضل.. لكن مثاليتهم تُعجزهم عن الاختيار الأفضل بين حلين، ثم هم غير قادرين على فرض اختيارهم الثالث المثالي.

10. وهنا ظهر إسلاميون آخرون ليس لديهم انهزامية الإخوان على رأسهم رجل المرحلة حازم أبو إسماعيل الذي أعاد المشهد إلى حقيقته: صراع الشعب إسلامي الهوى والمزاج ضد العسكر ومعهم العلمانيون مما أربك الخريطة السابقة تماما، وجعل الإخوان أفضل المتاح من جهة العسكر والخارج..

11. الإخوان لديهم أكثر من مزية هم يدركونها: شعبية واسعة تمكنهم من خوض الانتخابات وتجعلهم طرفا يملك تحقيق الاستقرار.. وهم بذلوا لطمأنة العسكر والخارج ما يجعلهم الأفضل.. ومن الناحية الأخرى كان بقاء النظام القديم (الذي بلغ ذروته بظهور عمر سليمان وشفيق) يعني لهم الذبح.. فتقدموا إلى المنافسة.

12. النخبة العلمانية حيرت العسكر والخارج، هم يتفقون فقط على عداوة الإسلاميين وعلى تفضيل الاستبداد العسكري.. بينما يختلفون في كل شيء.. فكانت كل خطواتهم التي أشاروا بها على العسكر تأتي عليهم بالسلب منذ تأجيل الانتخابات (فاتضحت أطراف الصراع وازداد الإسلاميون قوة وازداد غيرهم تشرذما) مرورا بابتداع نظام القائمة (الذي أتى لهم بالسلفيين وقد كان من المستحيل أن يحصلوا على هذه النسبة بالفردي) وحتى حل مجلس الشعب (فحاز مرسي سلطة التشريع)..

13. هذه النخبة فقدت كل من استمع لها: العسكر، الخارج، الشعب.. وليس لهم أي قيمة خارج البرامج الفضائية تخلى عنهم الخارج ليتعامل مع طرف يملك شيئا، والعسكر قرروا الاحتفاظ بأموالهم وصلاحياتهم ونفوذهم ليتركوا المدنيين بعضهم لبعض، والشعب ذاته منصرف عن برامج الفضائيات إلا قليلا.. (النقاش المباشر بين إسلامي في الشارع وبين الجمهور ينسف في دقائق ما زرعته الفضائيات في شهور.. والانتخابات خير شاهد ودليل)

14. بين نخبة متشرذمة وإسلاميون لم يمارسوا التنظيم وثوار يفتقدون قراءة المشهد واختيار الأنسب وفرض اختيارهم المثالي بقي الإخوان حلا جيدا لكل الأطراف:

- يطمئنون الخارج باستقرار البلاد واستمرار الاتفاقيات ونحو ذلك.

- يطمئنون العسكر باستمرار صلاحياتهم ونفوذهم وأموالهم.

- حل جيد لكثير من الثوار باعتبارهم نقلة حقيقية من الاستبداد العسكري إلى الحكم المدني.. ومن السلطة الدائمة إلى تداول السلطة.

- حل جيد بالنسبة للإسلاميين الذين وإن كانوا لا يثقون كثيرا في الإخوان إلا أن سياط وسجون العسكر والعلمانيين لم تجف من على ظهورهم.. فهم خير من العسكر والعلمانيين.

15. وصل مرسي لكرسي الرئاسة فكان حقا على كل من سبقوا أن يدعموه رغم مخاوف الجميع من الإخوان ومواقف الإخوان من الجميع.. فبين الجميع حالة من عدم الثقة.

- أمريكا تعتمد على نفوذها الواسع الذي يصل إلى الاحتلال في مصر.

- العسكر يملكون السلاح والنفوذ وكثيرا من الأموال.

- الثوار يملكون التضحية والنزول إلى الشارع (وهو العامل الذي يضعف مع الزمن)

- الإسلاميون يؤملون أن يكونوا أقوى وأصلب في ظل نظام أكثر حرية.

16. بقيت المعركة الحقيقية بين النظام السابق والنظام الجديد.. وكلاهما يريد جذب باقي الطوائف في صفه، ومن الطبيعي أن تنقسم الصورة إلى ثلاث مشاهد:

- الإسلاميون وكثير من الثوار وكثير من الشرفاء (ممن يظل اختيار الإخوان أفضل من النظام السابق) والشعب الذي يريد الاستقرار.. وراء مرسي!

- الفلول والعلمانيون وقطاع شعبي قليل خدعه الإعلام وكثير من الثوار والشرفاء (ممن لا يثقون بالإخوان ويحسبون أنهم قادرون على فرض خيارهم الثالث).. ضد مرسي!

وبنظرة بسيطة فإن الطرف الأول أقوى وأوسع بما لا يُقارن بالطرف الثاني.. لكن الطرف الثاني يستعين ببقايا نظام مبارك في القضاء والجيش والمخابرات والشرطة والإعلام ورجال الأعمال.. فهم بهذا أقوى!

الجيش (حتى الآن) يلتزم الصمت، والمخابرات لا أحد يدري موقف المؤسسة الحقيقي حتى الآن وإن ظهر بيقين مواقف لا ندري هل هي معبرة عن الموقف الرسمي أم موقف أجنحة من خلال أدوات إعلامية وميدانية.. وأما الإعلام والقضاء ورجال الأعمال فقد حسموا مواقفهم لصالح نظام مبارك..

ما أميل إليه أن حسم هذه المعركة يتم في الخارج، ويتوقف على جهتي الجيش والمخابرات.. فإما تصعيد للتهيئة للانقلاب كما حدث في تركيا والجزائر ودول أمريكا اللاتينية في أكثر من تجربة.. وإما أن الخارج يفضل بقاء المعتدلين على الفوضى أو "المتشددين" بنحو النموذج الأردوغاني.. لا سيما وأن الخارج يواجه الآن تحديا خطيرا في الصين وروسيا قد تجعله ينصرف مؤقتا عن الشرق الأوسط الغارق في قاع الحضارة.

بالتأكيد لست أدري ما إذا كان الخارج حسم خياره أم لا.. لكن الحسم بالتأكيد متوقف على أنياب الإسلاميين، فإذا وصلت الصورة "إما أن تقبلوا الديمقراطية حتى ولو أتت بالإسلاميين وإما الفوضى" سيكون الحسم باتجاه قبول الديمقراطية.. ولو وصلت الصورة "يمكن التخلص من الإسلاميين بلا قلق كثير" سيكون الحسم باتجاه بقاء نظام مبارك بوجه جديد..

بعض عوامل الصورة تشير إلى قوة الاحتمال الأول، لكن لا يمكن تجاهل عوامل أخرى..

يظل الأمل في أن يفوق البعض من مثاليتهم وأن يدعموا التحول الديمقراطي -ولو بالإسلاميين- على عودة الماضي بكل فساده واستبداده..

بعض هؤلاء ينبغي عليهم أن ينسحبوا من المعركة الحالية لصالح مرسي.. وبعضهم ينبغي عليه فعلا أن يقبل بالاستقلال العسكري الفعلي لفترة باعتباره أكل الميتة.. والطرفان يجمع بينهما أنهم بلا قوة شعبية أو تنظيمية حقيقية لمنافسة الإخوان وفرض بديلهم الثالث حتى وإن كانوا أعلى تضحية وبذلا واستعدادا للموت!

                                                                             نشر في شبكة رصد الإخبارية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق