الأربعاء، مارس 15، 2006

هل المنقبات هن الهدف القادم ؟

كثيرا ما يمكنك اكتشاف اين تتجه رياح الدولة من خلال أقلام السلطة التى تبدأ فى لحظة واحدة وكأن توارد الأفكار لايصيب سواهم ، إذ تبدأ المقالات تتجه نحو موضوع واحد .

كان يمكن معرفة اتجاه الرياح منذ فترة من خلال مقالات ابراهيم سعدة تحديدا ، أما الان .. فعن نفسى لا أعرف من فارس هذه المهمة حتى اللحظة .

لكن فى قراءتى للتحليل الذى تنشره صحيفة ( المصريون - اعذرونى على تجاوز الحركة الإعرابية ) فى عددها اليوم طالعنى بهذا الاتفاق الملفت للنظر بين حمدى رزق ، وهو أشهر من أن يذكر فى مجال خدمة السلطة وكان دوره أيام الانتخابات الأخيرة ضد الإخوان أقذر من أن يشهر .. وهو صاحب الوثيقة البلهاء المسماة : خطة فتح مصر ، وهى الوثيقة التى ذابت من كل الصحف بما فيها الصحف الحكومي بعد معركة الانتخابات .. فى مشهد يقطع بتهافتها .

والثانى هو د. وحيد عبد المجيد .. وهو نموذج لذيذ مشرب ببعض الكوميدية لمثقف السلطة ، وله ابتسامة ضيقة تجمع بين الشماتة والمكر ببراعة .

***

أبدى حمدى رزق - فيما كتبه فى المصرى اليوم - انزعاجه من انزعاجه من انتشار ظاهرة النساء المنتقبات فى جميع الشوارع ووسائل المواصلات والنوادى ويعلق على رسالة قال انها من قارئة تبدى من مخاوفها من تعرض جمهورية مارينا على الساحل الشمالى لغزو من المنتقبات بعد ان اشترت احدى السيدات المنتقبات شاليه فى المزاد الذى اقيم مؤخرا لبيع فيلل وشاليهات فى منتجع اولاد الذوات وقال رزق " أينما تولوا وجوهكم فثمة منقبة تعبر الطريق في ردائها الأسود، لست وحدي الذي يستلفت انتباهه الظهور الكثيف هذه الأيام للمنقبات، فوق الأرض وتحتها، في الشارع والباص، وفي المول والسوبر ماركت، وفي الأندية والجامعات وفي ستاد الكرة وفي مترو الأنفاق، و يقدن السيارات لايبين منهن حتى العينين .
الظهور المفاجئ لتعويض غياب قسري باعتبار ما كان من منعهن من دخول أماكن بعينها، فدخلوها بتسامح مجتمعي تارة، وبالاستقواء تارة، وبأحكام قضائية باتة، وأخرها دخولهن الجامعة الأمريكية .
اللهم لا اعتراض، فالنقاب كالحجاب، كالسفور، حرية شخصية، ولكل سيدة ما انتوت، والنوايا يعلمها الله، ولا نشكك.. نحن راصدون لتلك الظاهرة التي تتسع وتتجسد علي رقعة المجتمع المصري دون تفسير مقنع أو تحليل مشبع،خاصة أن بعض الأردية النقابية تجاوزت سمت النقاب المصري إلي النقاب الخليجي والشادور الأفغاني .
بمناسبة مزاد الفيلات والشاليهات المارينية التي بيعت بالمزاد العلني قبل أيام، استلفت نظر سيدة ليست مارينية، مزايدة حامية الوطيس والسعر خاضتها سيدة منقبة للفوز بشاليه علي البحر، في الوقت الذي جاهد زوجها مزايدًا للحصول علي شاليه آخر .
تقول السيدة في رسالتها الإلكترونية: لقد ظللت أقرأ كل ما كتب عن المزاد بحثًا عن خبر كنت واثقة منه حتى وجدته في "أخبار اليوم" وسط مجموعة من الأخبار القصيرة المنشورة علي جانب الصفحة الثالثة، يقول الخبر: إن سيدة منقبة زايدت وبقوة للحصول علي شاليه حتى حصل عليه زوجها .
تقطع السيدة بأن هذا الشاليه هو مسمار جحا، ومركز لنشر الدعوة النقابية في مارينا، وتتساءل ولها حق : قل لي بربك لماذا تدفع منقبة عدة ملايين من الجنيهات في مكان يتسم بالعري والحفلات الصاخبة ؟!.
تضيف السيدة : هذا الشاليه هو المقر الجديد لاختراق مجتمع مارينا، خاصة أنه مجتمع يتمتع بمواصفات سهلة للسيطرة عليه، فمعظم رواده ملوا حياة الترف ويبحثون عن الجديد، لقد فكرن وانتهزن الفرصة لوضع أقدامهن هناك لتحويل مارينا إلي مجتمع النقاب، إنها نفس فلسفة المنقبات في الذهاب إلي الاستاد .


***

طبعا لا أحتاج إلى تعليق ولا تحليل لهذا المكتوب حيث لا أهدف لتحليل المكتوب ، وإن كان أبرز او ابشع مافيه هو النظر إلى المنتقبات على أنهن داء غريب يسعى للاختراق ( انظر اللفظ !! ) .. ويسعى لاختراق الطبقة النظيفة المثقفة المتحضرة .

لا أدرى إلا الآن أن مارينا كانت محرمة على المنقبات على نحو ما كان يكتب على المطاعم الأمريكية قديما : ممنوع دخول السود والكلاب

ثم يصفون الاسلاميين بأنهم لا يؤمنون بالمواطنة ؟؟؟؟
وسبحان الله العلى العظيم ..

أليست هذه تفرقة عنصرية فى غاية الوضوح ؟؟؟

المهم .. ليس هذا موضوعنا الآن .. إننا نحاول اكتشاف اتجاه الريح فقط

نأتى لمقال الدكتور وحيد عبد المجيد المنشور بجريدة وزارة الثقافة أو وزارة الحظيرة .. صحيفة القاهرة

*****

حيث يحذر الدكتور من ان تترك زوجتك تتدين وتصبح سيدة مواظبة على الصلاة وتحضر دروس الفقه والدعوة حيث بدأ
د. وحيد عبد المجيد مقاله متسائلا " ماذا تفعل إذا استيقظت ذات صباح فوجدت زوجتك وقد أصابتها موجة التدين الشكلي الطقوسي فصارت امرأة أخري غير تلك التي تعرفها؟ السؤال ليس افتراضيا بل واقعي جدا. وجهه لي صديق رأي خلال أيام قليلة في امرأته التي «تدينت" ما لم يكن يتخيله. تحولت زوجته إلي فقيهة متبحرة في شئون الدين تصدر كل يوم عددا من الفتاوى حسبما يفتح الله به عليها، وعلي صديقاتها الجديدات. فأي " فتوى" تطق في رأس أي منهن يتم تداولها بسرعة البرق، فتنزل علي رأس صديقي من حيث لا يحتسب.
" فتاوى" في الأكل والشرب والنوم، وفي دخول الحمام والخروج منه، وفي الجلوس والقيام، وفي الكلام والصمت، وفي تربية الأبناء وتعذيب البنات، وفي كل شيء يخطر علي بالك أو لا يخطر.
والمهم أن صديقي هذا متدين أصلا ويعرف من أصول دينه ما يعرف المسلم العادي وأكثر منه قليلا. فوجئ بأنها تنهره لأنه لا يؤدي الصلوات كلها في المسجد، أو لأنه لا يتوضأ بطريقة معينة لا يعرف هو أصلا لها. ولكنها الطريقة التي "افتت" بها أحدي الشيخات اللاتي تذهب زوجته للاستماع إلي دروسهن في منازل بعض صديقاتها.


***


ذكرتنى هذه المواقف بخطيب الجمعة فى المسجد الذى يجاورنى وهو خطيب يستمتع بمهاجمة الإخوان ، وهو سلفى .. لكنه من هؤلاء المرتبطين بأمن الدولة - ربما عن قناعة بأنهم أولياء الأمر فليس لى ان ادخل فى النوايا - لكنى سمعته مرة يشكو لعامل المسجد من تتبع مخبر أمن الدولة للفتيات اللاتى تأتين إلى المسجد ، وهن سلفيات .. والسلفيون بطبيعة قراءتهم للإسلام لا يقتربون من السياسة ولا من النقد للسلطة .. وكا الشيخ يقول لعامل المسجد اخبره ( اى مخبر امن الدولة ) بأن يكف عن التتبع لأن البنات بدأن فى الخوف والامتناع عن الحضور .. والكلام هنا لا علاقة بالسياسة مطلقا .. وألح على العامل فى أن يوصل هذا الكلام للمخبر .

حقيقة لا أدرى إلام انتهى الموضوع خصوصا وأنه حدث منذ اسبوع تقريبا .

لكن ..

هل يعنى هذا أن الرياح هذه الأيام تستهدف المنقبات ، خصوصا وانه لا يجب ان ننسى حادثة تفجير اوتوبيس السيدة عائشة الذى قامت به بنتان منقبتان قيل انهما اخت ومخطوبة القائم بعملية كوبرى عبد المنعم رياض فى الصيف الماضى .. ثم نكتشف ان الحادث ( اقصد السيدة عائشة ) لا وجود له مطلقا .. ولم تخرج له أى صور إلا صورة الاوتوبيس المكسور زجاجه .. وهى صورة لاتدل على شئ .


هل المنقبات هن الهدف القادم ؟؟؟


15/3/2006

هناك 5 تعليقات:

  1. المؤرخ الفاضل
    أولا هذه أول مرة أقرأ لك و لا اعرف اتجاهك الفكرى و لا اتكلم بحكم مسبق أو موقف من فكر ما، و لكنني اسألك ببساطة شديدة هل تعتقد أن الله سبحانه و تعالي "عنصري" يحبذ جنس علي جنس أو يقهر جنس لسبب لا دخل للانسان به و ليس من عمله أو صميم اختياره، فليست الأنوثة وصمة عار و ليست الذكورة كذلك وسام شرف لا يحظي به إلا أولي العزم، و هل تعتقد أن فكرة النقاب في حد ذاتها ليست سوي تحقير للمرأة و النظر إليها علي أنها "عورة" و خطيئة ضخمة يجب عليها الإختفاء، إن لم يكن بالوأد لأنه يعاقب عليه القانون اليوم فليكن بهذا الكيس الأسود المحكم الإغلاق.
    و كما تتاجر الفضائيات بالمرأة كسلعة رخيصة و كما يجعل العري من جسدها دليل قائم علي أن دورها الوحيد هو الفراش و كما ينظر اليها المهوسيين بالجنس علي انها مخلوق يبدأ جسمه من تحت الرقبة و ينتهي قبل الركبة، لاغين الرأس و العقل و الروح من حساباتهم
    كذلك تفعل فكرة النقاب و الفلسفة التي وراءه، بالله عليك اليست الهوية و التمييز الشخصي بين الناس و الذي علي اساسه يقدمون انفسهم كبشر، و ليس كعورات، هو الوجه، حاول ان تضع علي وجهك هذه القضبان و حاول ان تمشي و انت ترفل في عشرات الأمتار السوداء و انظر لنفسك في المرآة : هل تري انسان كامل خليق بخلافة الله علي الأرض، وسع قلبه و عقلبه الكون؟
    أم تراك تري شبحا، تري مخلوق مشوه مسخ، لا ينقصه إلا الأصفاد تكبل المعصمين و تؤكد أن الرق و العبودية لا ينفران
    قبل أن ترد، أنا مسلمة، مقتنعة بديني و احب الله و رسوله و اعتقد ان الله عادل تمام العدل و غير عنصري
    اشكر لكم وقتكم و سعة صدركم لقراءة التعليق

    ردحذف
  2. الأستاذة الفاضلة .. إيمان .

    بعد شكر عميق على اهتمامك بالمرور والتعليق ، دعينى أنطلق فى ردى من مبدأ الحرية التى تكقلها الشرائع والقوانين لكل فرد طالما توقفت حدود حريته عند مشاعر الآخرين .

    شخصيا .. لا أحبذ النقاب ، لكن فى نفس الوقت يجب أن ادافع بشدة عن حق كل غنسانة فى ارتدائه خصوصا إذاكان هذا بدافع من تدينها والتزامها بدينها .

    خصوصا وأن المنقبة هى إنسانة لها غريزة الأنثى التى تتمنى أن يراها الكل أميرة ساحرة فاتنة .. إلى جانب أنها تحيا فى وضع يسمح لها بالتعرى بل وبالإباحية .

    فإذا انتقبت استجابة لدينها واستعلاء على رغبتها الداخلية وعلى تيار المجتمع الهادر .. فهذا بلاشك يجعل نظرتنا لها تنطلق من الاحترام أولا .. لأنها تفعل ما هى مقتنعة به وإن خالفت فى هذا تيار المجتمع السائد .

    نقطة ثانية : اسمحى لى فى الاختلاف معك حول أن النقاب فكرة تنبع من كون المرأة عورة وخطيئة يجب أن تتخفى .. أما كونها عورة فهذا لا يستدعى بالضرورة كونها خطيئة وكلاهما لايتسدعى بالضرورة وجوب تخفيها .

    كونها عورة : هذا واقع وهذه نظرة الإسلام الذى يرى أن المرأة كلها عورة ماعدا وجهها وكفيها .. وصوتها ليس بعورة قطعا والحديث الوارد فى هذا ضعيف .

    لكن إخفاءها هو بهدف الحفاظ عليها وصيانتها .. قد تختلفين معى فى هذا ، ليست مشكلة .. وهذا المووضع طويل جدا ومستعد للنقاش فيه تفصيلا ولو فى غير هذا المقام .

    ما أقصده .. أن هناك خلاف فى الفقه الإسلامى بين وجوب النقاب ، وبين كونه شئ من الفضائل .. والقائلون بالوجوب علماء لايشك فى علمهم ولا فى إخلاصهم .. ولا يشك حتى فى أنهم قالوا هذا تحت تأثير أى ضغوط أو إغراءات .

    غن اختلفنا مع هذا الفريق ، فلايكون هذا مبررا طبعا لمصادرة رأيه ، والنظر إلى المنتقبات على أنهن داء غريب وأشباح ومشوهى الخلقة .. تظل لهن نفس الحقوق والواجبات التى يحظى بها كل إنسان .

    من حقهن دخول مارينا والسكن فيها وشراء الشاليهات بل ومحاولة إقناع غيرهن برأيهن طالما كان ذلك بشكل سلمى وبدون إكراه .. لكن أن يكتب من يحذر منهن ويرى وجودهن اختراقا .. فهذا ما لابد أن نقف ضده باعتباره تفرقة عنصرية .

    لايفوتنى قبل أن أنهى كلامى .. أن أقول إن النقاب والحجاب لم يلغيا لا العقل ولا الروح بالنسبة للمرأة فى المنظرة الإسلامى ، بل التاريخ يزخر بمشاركة المرأة فى كل جانب من جوانب الحياة .. بما يعنى أن النقاب لم يكن من قبيل التفرقة العنصرية ، وإنما هو من قبيل الحفاظ عليها .

    شكرا مرة أخرى للمرور والتعليق .

    ردحذف
  3. الأستاذة الفاضلة إيمان وأخى الحبيب مصرى ..

    استأذنكما فى التعليق بعد أيام لانشغالى الشديد .. شاكرا لكما تفهمكما .

    ردحذف
  4. الهامي
    وجهة النظر التي ترى ان( الحجاب =ان المراة رمز الخطيئة) , هي من صنع اسلاميين مع الاسف
    نعم اسلاميين هم من نسبوا للاسلام الكثير و صبغوا نظرتهم الدونية للمراة بصبغة دينية (ربما لمنع نقدها) و لذلك دائما ما ارى ان تنقية الدين مما علق به من ثقافة جاهلية اساسي جدا

    ايمان
    من يحاول فرض النقاب على المرأة (سواء بحجة انها خطيئة او غيره) و من يحاول منعها من ارتداؤه (بحجة انه غزو خليجي او غيره) كلاهما وجهان لعملة واحدة , متسلطان مصران على فرض ما يرونه بالقوة على الجميع
    مشكلتنا بقى ان المرأةعندنا حائرة بين فريقين يصران على فرض الوصاية عليها باعتبار انها ليست اهل للاختيار

    ردحذف
  5. الأخ الحبيب مصرى :

    متفق معك تماما ، مع شكر موصول لمتابعتك وتعليقك .. جزاك الله خيرا .

    *********

    الأستاذة إيمان :

    ربما كان تعليقى على هذه الفقرة بالذات من كلامك سيختصر بيننا الكثير من المسافة .

    تقولين :

    " لا يمكن ان اتخيل ان الله يفرض عليه قيود و يقصيه جسديا لمجرد ان مشيئة الله عز و جل ارادت ان تخلقه انثي، الكثير من المفاهيم التي نلصقها بديننا و برسولنا و بألهنا لا يمكن ان تكون كذلك "

    والواضح - يا أستاذة إيمان - اعتمادك فى تصورك على نظرتك الشخصية للأمور ، فأنت تستنكرين لأنك لا تتخلين أن يكون الشئ ممكنا .. وأن الشئ لايمكن أن يكون كذلك .

    واسمحى لى يا أختى أن أقول لك إن الأمور لاتجرى عندنا نحن المسلمين - حسبما أفهم من الإسلام - بهذا الشكل العقلانى المنفصل تماما عن الأحكام القرآنية والسنة النبوية .. ومن مقتضيات الإيمان التسليم بحكمة الله تبارك وتعالى فى التشريع .. لاشك أنه يجب أن نعرف اولا هل قال الله هذا فعلا أم أنها تصورات وآراء لعلماء يمكن الاختلاف معهم وترك نظرياتهم .. لكن حين نعلم أن هذا حكم من الله على سبيل اليقين ، فالمفترض فى المسلم أن ينفذه مسلما بحكمة الله تعالى فيه .

    إذا طبقنا هذا على مسألة المرأة .. سنعرف بيقين أن الإسلام أمرها بتغطية جسدها فيما عدا الوجه والكفين .. وهذا إجماع المسلمين عبر العصور وليس من بين العلماء من خالف فى هذا ، بما يعنى ويؤكد أنه حكم الله فى هذا الموضوع .

    أما النقاب فهو المختلف فيه ، فهناك من أوّل آيات وأحاديث ومواقف على وجوب النقاب .. لكن الأصح وما عليه جمهور العلماء هو أن الوجه والكفين ليسا بعورة .. ولا تجب تغطيتهما .

    وهنا يجب ألا ننظر للمنتقبة على أنها متشددة ولا تنظر المنتقبة للمحجبة على أنها متبرجة .


    ثم بدأت فى إلقاء اسئلة صدمت انا لها شخصيا مثل :

    "الم يثر الرجال في حياة الرسول الكريم لتمكينه النساء من حقوقهن المالية و حقهن في الارث و في اقتسام الغنائم؟"

    وهذا لم يحدث ابدا على وجه اليقين ، ولربما قرأتيه فى كتاب أو مقال لمن يكتب فى هذه القضايا بجهل أو بغرض .. وإلا فيمكنك أن تذكرى لى مثالا واحدا حول ثورة رجال ضد أحكام النبى فى أى أمر لا فى أمر النساء فقط .

    ثم صدمتنى أكثر هذه الفقرة التى تقولين فيها :


    "
    ان ثورة الرسول الراقية لتحرير النساء من عبودية العادات البدوية لم يكتب لها للاسف النجاح بشكل عملي، فالمجتمع الصحراوي الذي لا يفخر الا بالقوة و المغانم لم يكن له ان يستسلم و يذعن لرقي رسول هو بكل المقاييس من انبل البشر، "

    فالرسول لم يفشل فى أى قضية .. بدليل قول الله تعالى فى القرآن ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، والأحكام التى قررها الإسلام لم تكن أحكام تدريجية بل كانت أحكاما نهائية .. إلا فيما يخص فنيات تطور العصور التى جاء فيها الإسلام بخطوط عامة عريضة محددا الأسس التى يبنى عليها الاجتهاد ليواكب تغير وتطور العصور .

    كما أن هذا المجتمع الصحراوى الذى تقولين انه لم يكن ليذعن للنبى الراقى المتحضر .. هو المجتمع الذى انفعل - على عكس ما تذكرين - مع دعوة هذا النبى ، وتغيرت صفاته إلى النقيض تماما ، بل وبدأت ثورته الحضارية ليغسل وجه الأرض فى أقصر فترة زمنية ويتمدد فيها على شرق الأرض وغربها ، ليبدأ عصر حضارى عظيم ، وتبدأ أطول فترة حضارية عاشتها حضارة عبر الزمن .. بما يؤكد أن هذا الفصل بين النبى وبين المجتمع الصحراوى ليس إلا خيالا وخرافة .

    صحيح أن هناك من العصور ماظلمت فيه المرأة .. لكن هذا لم يكن لا على عهد النبى ولا على عهد الراشدين .. بل هو يبدأ فى خفوت شديد مع الأمويين ثم يشتد بخفوت عبر عصور الحضارة .. لنصل إلى عصور ظلمت فيها المرأة ، كان المجتمع الصحراوى قد انتهى فيها تماما .. وهذا يعنى أنه لا علاقة بالمرة بين المجتمع الصحراوى الذى بدأ فيه النبى دعوته بالعصر الذى شهد ظلما للمرأة .


    لم يبق لى إلا تعليق سريع على هذه الفقرة التى أراها امتلأت بالمغالطات :

    "يا عزيزي دعك من شيوخ الوهابية التي لم تفعل بنا سوي التراجع للخلف زمنيا و فكريا،و كنا كمجتمع مصري متوازن في يوم من الأيام يحمل من الحضارة و التاريخ ما لن ينسوه او يغفروه لنا، فيكفي ان محمد علي الكبير و ابنه ابراهيم هما من قمعا ثورتهما الوهابية في القرن التاسع عشر، و الأن منذ سبعينيات القرن العشرين و حتي اللحظة جاء يوم الغزو الفكري و السيطرة الروحية منذ دفعنا دماء ابناءنا ثمنا للبترودولار"

    فالوهابية ليست مذهبا فقهيا .. بل هى حركة تجديدية بمقياس وصفات عصرها .. وليست هى التى أرجعتنا للخلف بل الذى أرجعنا هو التبعية المباشرة للغرب فى مرحلة الاستعمار ، وغير المباشرة فى مرحلة الحكومات الديكتاتورية العملية .. وقبل كل هذا وبعده التيارات الفكرية التى رأت فى الغرب قبلة الناهضين .

    ومحمد على وإبراهيم باشا لم يخمدا الوهابية فقط .. بل حاربا دولة الخلافة الإسلامية وهدداها واستقلا عنها ، وكان محمد على صاحب الجريمة البشعة فى القضاء على المجتمع المدنى وتركيز السلطات فى يديه وهو أول من أنبت بذور الدولة المركزية الخاضعة للسلطان .. وهذا موضوع طويل لعلنا نتحدث عنه فيما بعد .. لكن محمد على وإن كان أحدث نهضة عمرانية فى مصر فهو صاحب جريمة لايمكن أن تغتفر فى حق الأمة والخلافة ومصر .


    والشكر قائم والتحية موصولة .. دمت بكل خير .

    ****

    د. بلو روز

    متفق معك 100% .. وهذا والله ما أسعى إليه شخصيا ، وغيرى بالطبع كثيرون .

    شكر الله لك مرورك وتعليقك .

    ردحذف