الأحد، سبتمبر 18، 2005

أسطـــورة العـجـــــز المبـهـــــر

كانت زيارة لصلة الرحم لدى عمتى التى لم أرها منذ سنة كاملة لظروف الدراسة ، ففوجئت بأنهم قد اشتروا طبقا يحتوى على القمر الأوروبى ، وماكدت أبرز رغبتى حتى فاجأنى ابن عمتى بان هناك قناة تسمى ( الحياة ) تعرض كل مساء ساعة إلا ربع للقدس زكريا بطرس ، لايهتم فيها إلا بسب الإسلام وتحقيره والنيل منه .

ولما كنت قد سمعت الكثير عن هذا الرجل ، فقد كنت احرص الناس فى تلك الليلة على سماعه وكانت مساء الثلاثاء( 9/8/2005 )


واستمعت إلى ساعة إلا ربع إلى القس ، الذى تخيلته عالما محيطا بالإسلاميات ، يجيد الصيد فى الماء العكر ، وإبراز المشاكل والسلبيات ... لأجد نفسى أمام ممثل ساخر لايجيد صنع الكوميديا .

ليس هذا الوصف تقليلا من شأنه باعتباره من أعدائى ... إنما كانت هى الحقيقة التى تصف حاله تماما .

فالرجل ، لايجيد شيئا على الإطلاق ، لا قراءة اللغة العربية ، ولا الصيد فى الماء العكر ، ولا التقاط السلبيات والتعليق عليها ببراعة .

هو يجيد شيئا واحدا ... الاختلاق والتحريف .

ستجد إذا شاهدت البرنامج أن نقدم البرنامج اسمه ( الأخ محمد ) ، ولا أدرى هل تنصر هذا الرجل ؟ أم مازال مسلما ؟ أم أنه نصرانى يستعمل هذا الاسم لإجادة الحبكة ؟ وإذا كان تنصر فلم يحتفظ باسم محمد ؟ وإن لم يكن فلماذا يشارك فى تحقير النبى الذى يحمل اسمه ؟ وماموقفه ألان من الإسلام ؟

يمسك ( الأخ محمد ) بمجموعة من الأسئلة ويقرأها ، ويجيب عنها القس من كشكول موضوع امامه ( مما يعنى أن الموضوع سابق التحضير ) ، ويقلب القس صفحات الكشكول التى امامه بانتظام ( مما يؤكد فكرة التحضير والاستعداد المسبق للاسئلة ) ... ولايوجد بالبرنامج إمكانية المشاركة الهاتفية على الهواء .

وفى هذا الإطار الآمن ( لا اسئلة مفاجئة ، ولا اتصالات هاتفية ، ولاشخص يستطيع الرد ) يستعرض القس عضلاته مطالبا ومتحديا من يناظره فى أى مكان .

( بمناسبة المناظرة : أوردت صحيفة الأسبوع فى تغطيتها لقصة رجوع زينب إلى الإسلام على لسان زينب أنها بعد عودتها عرض عليها بعض الشباب المسلم مناظرة زكريا بطرس لكنه كان دائم التهرب منها )


زعم فى الحلقة أن النبى تزوج من 61 امرأة ... ثم قال : ولقد جمعتهم ورتبت اسماءهم حسب الحروف الأبجدية ، وقال بعض الأسماء ... وفيها أسماء غير موجودة فى السيرة على الإطلاق ، لا كانوا زوجات النبى ولاحتى زوجات الصحابة ... ووظل يعدد أسماء وهمية حتى استوقفه المقدم بعدما أبدى اقتناعه .

ثم التقط جملة من ( فتح البارى ) دون أن يقول إن هذه العبارة مردود عليها فى فتح البارى .. بل نسبها إلى الإمام ابن حجر العسقلانى المؤلف ... وكانت الجملة تقول إن النبى دخل بعائشة قبل البلوغ .

ولأننى بدأت بعد ربع الساعة فى التحول من التركيز إلى الضحك ، فلا أتذكر الكثير مما قال ، كما أن هذا ليس مقام الرد على كل كلامه .

إلا أن اشد ما اثر فى نفسى هو تحديه للشيخ الراحل أحمد ديدات ، من خلال تكذيبه ونفيه لما جاء فى كتاب لديدات .

سرحت حينها بخيالى أتذكر ذلك العجوز ذا اللحية البيضاء الذى يعانى من الشلل الدماغى على سريره بحنوب إفريقيا ، وهو لايستطيع الرد .

وقد كان - ايام كان - يزلزل مناظريه ويصحح لهم أخطاءهم فى الأناجيل ويتحداهم امامهم ، فما يصمد له أحد .. حتى سوتجارت الذى بدا أنه صامد لم يمض أسبوع حتى قبض عليه متلبسا بالزنا ، وهو الذى كان يناظر منذ اسبوع فقط فى أن المراة الواحدة التى أصابها منذ السهم الأول - على حد تعبيره - تكفيه تماما ، ويهاجم فكرة تعدد الزوجات .

الشيخ ديدات ، الرجل البسيط ، والعامل الفقير الذى لم يكمل تعليمه ، استطاع بمجهوده وإصراره وعبقريته أن يناظر خريجو اللاهوت ( أنيس شروش ) وخبراء الإعلام ( جيمى سوتجارت ) ، وينطلق متحديا لهم وفمه يسيل معلومات فى غاية القوة والدقة والفصاحة ... فى حين كان شروش يقرأ من روقة ، وكان سوتجارت يعتمد على حركاته الإعلامية البارعة .



كيف استطاع رجل بهذه البساطة ، ان يبلغ هذا المبلغ ليصير اشهر مسلم يواجه قساوسة النصارى فى ديارهم وفى أوج مجدهم ( الثمانينات ومابعدها ) ، وينطلق مطلقا الدبلوماسية ( التى هى شعار الضعفاء فى عالمنا ) وصارخا بأدق الألفاظ واقواها .
حتى يصيبه الشلل الدماغى فى عام 96 ، حتى توقع الكثير - وكنت منهم - أنه مات ، حتى كان تقرير بشبكة إسلام أون لاين منذ ثلاثة اعوام يؤكد أنه مازال حيا .

لكن التقرير يحمل لنا كيف يعيش ديدات ويتواصل ... لقد قسم الحروف على صفوف وأعمده ، وكان يختارها بطرفة عينه حرفا حرفا حتى يكون الكلمات والجمل .

أيه عزيمة اسطورية تلك التى يمتلكها هذا الرجل ؟؟

كيف يصر على مواصلة التناظر حتى وهو يعانى الشلل الدماغى الذى يشل جميع أطرافه ؟؟

وكيف استطاع الرجل أن يحيط بالفوارق الدقيقة بين الأناجيل ، ويحفظها عن ظهر قلب .. فى ذات الوقت الذى هضم فيه العقيدة الإسلامية وهو الذى لايجيد اللغة العربية ؟؟

أشعر بالعجز حقا فى التحدث عن الشيخ العملاق أحمد ديدات ، ووصف ذلك الهم الذى ضغط على صدرى ، وتخيلى أن الأرض فقدت ذلك العجوز ذا اللحية البيضاء والبسمة الرائقة والملابس البسيطة ، وطاقية الرأس البيضاء ، وذلك اللسان الذى كان كالسيف المسلول ، فلما سكت اللسان تكلمت العيون .

وماكاد الصباح يسفر عن نفسه حتى حمل إلى اليوم التالى ( الأربعاء 10/8 ) خبر وفاة ديدات ، مع وفاة الحاجة زينب الغزالى عبر جريدة الدستور .

وماشعرت بنفسى إلا ابكى على رجل كنت اراه فأشعر بالعجز والنقص ، فأديم النظر إليه عساى استلهم منه هذه القوة الأسطورية التى تتفجر منه .

رحم الله فقيد الإسلام أحمد ديدات ، وعوض الأمة عنه خيرا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

ولا عزاء للإعلام الفاسد راعى العاهرات والسكارى والمساطيل
.


كتب فى 15/8/2005

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق